Thursday, April 16, 2009

ريموت كنترول

من المفترض أن يعتمد الإنسان علي تفكيره أكثر مما يعتمد علي عضلاته، ولكن علي ما يبدو أن هذا بالتحديد هو سبب المشكلة، فاستخدم الإنسان تفكيره ليسخر الدواب في حرث الأرض للزراعة، ولكن علي ما يبدو أنه أكتشف بعد ذلك أنه لا يزال بحاجه لبذل بعض المجهود العضلي لسياقة هذه الدواب، فاخترع الجرار الزراعي وحتى هذا الجرار بمضي الزمن أكتشف أنه يحتاج لمجهود عضلي، فقرر أن يخترع الروبوت ليقود الجرار و"يأنتخ" هو بالبيت.
واستخدم كذلك تفكيره فأخترع مكبر الصوت كي لا يبح صوته بالزعيق وأخترع السيارة ليوفر مجهود المشي أو ركوب الدواب، واخترع الأسلحة النارية حتى يوفر مجهود المبارزة، وأخترع الميكرويف والديش وشر ليوفر وقفة المطبخ، الخ. وهكذا كانت الغاية من كافة الأختراعات الأنسانية تقريبا توفير المجهود العضلي وهي التي في النهاية تحول الأنسان لتنبل عظيم بلا أدنى شك. وأغرب من ذلك أن تمادى بني البشر فقرروا أن يوفروا حتى في المجهود الذهني والتفكير نفسه فاخترعوا الألة الحاسبة والكمبيوتر. والغريب في الأمر هو انسياق الإنسان التام وراء هذه الرغبة في التنبلة، فهل هذا هو غاية الإنسان من الحياة أن يعيش مجرد تنبل عظيم؟
للأسف كل هذه السلع تسوق إلينا تحت بند رفاهيات (إن لم تكن تحولت الآن بالفعل إلي ضروريات) بلا أي تحذير ينبه إلي أن استخدام هذه الأدوات يؤدي إلي التنبلة!
هل أبدو كأحمق إذا ما قاطعت الريموت الكونترول وقررت أن أهز طولي عندما أود تغيير قناة التلفزيون، أو أن أقاطع الأيميل وأقرر ان أقوم بمراسلاتي عن طريق التمشية إلي البوستة، أو أشغل دماغي شوية وأستغنى عن الألة الحاسبة في حساباتي البسيطة أثناء العمل! هل أبدو كأحمق عندما أرفض حياة التنبلة؟ بالطبع لأ أريد أن أبدو كأحمق، لكن بالتأكيد سيأتي بعدنا قوما يلعنون تنبلة أسلافهم وبالتالي اختراعاتهم التي أضرت أكثر مما فادت.

Monday, March 09, 2009

نظريات الحمار الحصاوي .. في الانهيار البورصاوي

يحكى أن هناك قرية صغيرة كانت تعتمد في رزقها علي تجارة الحمير، وكان سعر الحمار الحصاوي المعتبر لا يتعدي العشرة جنيهات، إلي أن أتى إلي القرية تاجران أخذا يشتريان الحمار بعشرين جنيها، فامتنع أهالي القرية عن بيع حميرهم بأقل من هذا السعر، ثم أخذ نفس التاجران يبيعان لبعضهما البعض ولأهالي القرية الحمير التي كانا قد أشتراها بعشرين جنيها ثم بثلاثين فأربعين حتى ارتفع سعر الحمار الي مئة جنيه (في حين أن قيمته الحقيقية لا تتعدى الجنيهات العشرة) حينها كان التاجران يملكان تقريبا كل حمير القرية، حيث باعا كل حميرهم وتركا القرية لا تملك سوى تلك الحمير بعد أن دفعوا كل ما يملكون من مال للتاجرين!
مثلي مثل كل إنسان بسيط، كنت دوماً أتسائل عن سر هذا الإنهيار المدوي في أسواق المال علي كافة المستويات إلي أن قرأت تلك القصة! إنهيار كافة البورصات بنسب وصلت في بعض الأحوال الي سبعين بالمائة! إنهيار في صناعة السيارات، إنهيار في السوق العقاري، إنهيار في مجال السياحة، إنهيار في أسعار البترول، ملايين العاطلين، تريلونات من الديون المعدومة أو شبه المعدومة، .. الخ
وسر دهشتي - كإنسان بسيط – يكمن في إيماني بنظرية شديدة البساطة تقول إنه إذا كان هناك خاسر فبالضرورة هناك أيضا رابح! فمن هو هذا الرابح، ومن هو هذا التاجر الذي باع الحمار أبو عشرة بمائة؟
بالتأكيد أن الأمر ليس بهذه البساطة وهذا التاجر (أو مجموعة مافيا رجال الأعمال الرابحة من وراء تلك الأزمة) موجودة بالفعل داخل أسواق المال، وأنسحبت أو علي الأقل جمدت نشاطها بعد أن كونت ثرواتها في السنين الماضية من خلال عمليات بيع وهمية لأسهم وعقارات وشركات وبترول بأسعار غير حقيقية لتنسحب في ساعة الصفر المتفق عليها ليكتشف كافة المغفلين (نسبة غير قليلة منهم من العرب) أن ما بأيديهم مجرد حمار حصاوي قيمته عشرة جنيهات!
قد يكون من الظاهر تأثر الإقتصاد الأمريكي ولكن لنكون أكثر إنصافا يجب حساب هذا التأثر خلال العشرين عاما الماضية وليس خلال الأزمة فقط (وأقصد هنا بالعشرين عاما، منذ تفرد أمريكا بقيادة العالم بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي) سنجد بالتأكيد أن خسائر هذا العام مهما بلغت لا تتعدي نسبة ضيئلة جدا مقارنة بمكاسبها (من خلال بيعها لهذه الحمير) خلال هذه الفترة!
قد يفتقد تحليلي هذا لأية منطقية إقتصادية نتيجة كوني مجرد انسان بسيط ولست محللا إقتصاديا، ولكن بالتأكيد هو تحليل أكثر راحة لي ولكثير من البسطاء الذين ما زالوا يستمعون لأراء الخبراء الذين لا يكفون عن قول أن الأسوأ لم يأت بعد رغم رؤيتي الواضحة للحمار بأذنيه الطويلتين وذيله!

Friday, March 06, 2009

حكمة

بضعة خطوات للوراء قد تدفعك نحو انطلاقة قوية

Friday, February 27, 2009

لمواصلة الرحلة لابد أن تعرف علي أي أرض تقف وفي أي اتجاه تسير


من الجائز أن تسقط من على الدرج أثناء الصعود لأسباب لا تستطيع السيطرة عليها (الولية اللي ساكنة في الدور اللي فوق دلقت مية وسخة بصابون مثلا زحلقتك) ، السقوط في حد ذاته من المفترض ألا يسبب لك مشكلة أكثر من تعطيلك لبعض الوقت ذلك إذا كنت تمتلك لياقة بدنية مناسبة، فاذا كنت لا تمتلك اللياقة البدنية الكافية، فأنت غير جدير بالصعود، ولكن المشكلة تكمن في عدم قدرتك علي تحديد علي أي درجة تقف لتستطيع مواصلة الصعود أو عدم قدرتك علي تمييز اتجاه الصعود من اتجاه الهبوط
من المهم جدا تحديد علي أي درجة تقف وفي أي اتجاه تسير ومن المؤكد أيضا أن اعادة صعودك نفس الدرجات مرة أخرى سيكون أسهل وأسرع هذه المرة رغم ما قد تعانيه من ملل أو إحباط،
حذار...فمن المؤكد سقوطك مرة أخري إذا حاولت القفز مرة واحدة إلي نفس الدرجة التي كنت تقف عليها قبل سقوطك

Tuesday, June 19, 2007

تعالي

اليوم يجمعنا القدر،
لازالت كما تركتها منذ عشرين عاما، أحترقت بدفئها، رقصت طربا علي خفقات قلبها، هزتني رعشة جسدها، أخترقتنتي نظراتها، وأحتوتني أنفاسها

زهرةُ زادها العمر حمرةً
بل نبيذُ زاده الدهر خمرةً

قالت بهمسٍ: تخليت عني
انكمشتُ .. أكادُ أتلاشى ..تلعثم لساني ولم أجب
تابعَت بشوق: أنظر إلي عيناي
قُلت بأسى: أحترق
قالت بحسرة لا تخف أني رماد عمره عشرون سنة
تابعت بلهفة: لا تعتذر
جففت عرقي ولم أجب
أقتربَت أكثر وذُبت أكثر
أقتربت أكثر فأكثر وأكثر .. فأنصهرتُ وصرت عدم..
حاولت أن أتكلم، منعني كف يدها حين اراحته علي فمي

لثمت راحة كفها ..
وانحدرت دمعة يائسة ..

إيقاع صوت الندم الرهيب يردد كلمة واحدة تهز أعماقي .. غبي .. غبي ... غبي
لربما سمعِتها .. فهمست: عشرين عاما مرت ولا زلت تحبني .. لمَ تركتني؟
فضحتني نظراتي وأشواقي .. فضحتني رعشة يدي ... وايقاع يتردد .. غبي .. غبي .. غبي

إن كان يوم يمر بدونك أُقتل مرة ...
فكم مرةً قٌتلتُ في عشرين عاماً؟

لا ... لن أضيعك مرة أخرى

تعالى ....
نقتل العمر الذي قتلنا
نذيب بالحب أشواقنا
نذوب ونرضخ لقلوبنا
نودع الامنا .. نودع دموعنا
نلهب ليل الحب بأشواقنا
نشهد القمر علي ليلنا
كم سهر معك ومعي ... يبكي مثلنا
فليهنأ ذاك القمر بلقاءنا
وليقُبل النجوم مثلنا

تعالي تعالي فالليلة بدا عمرنا

Saturday, June 16, 2007

أفندينا

ربك لما يفتح علي واحد في الكلام بيبقي فلة، صاحبنا ده بقي ربنا فاتح عليه من وسع .. النهاردة الصبح علي غيار الريق قاعد باشرب الشاي الصبح ومروق قلت أسمع نشرة الأخبار، لقيت افندينا طويل العمر يطول عمره وينصره علي مين يعاديه (هاي ... هئ .. أنا جدع) الظاهر كان عمال دماغ عالية لما صوت الدوشة وصله في شارم والولاد دول عملوله ازعاج مش مخليه يعرف ينام ... قال ايه راح متصل باخوه اولمرت عشان يسكت العيال دول ويعرف ينام ...
عفارم عليك أفندينا

Sunday, June 03, 2007

أربعون عاما ... فماذا تغير يا نزار؟

كتب نزار قباني قصيدته الشهيرة هوامش علي دفتر النكسة منذ أربعين عاما متأثرا بالهزيمة..
واليوم بعد مرور أربعين عاما علي الهزيمة ... ما الذي تغير؟ وماذا تعلمنا؟ وأين نحن؟؟
الله يرحمك يا نزار

هوامش على دفتر النكسة كتبت في أعقاب هزيمة يونيو 1967
أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه
والكتبَ القديمه
أنعي لكم..
كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..
ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه
أنعي لكم.. أنعي لكم
نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه
مالحةٌ في فمِنا القصائد
مالحةٌ ضفائرُ النساء
والليلُ، والأستارُ، والمقاعد
مالحةٌ أمامنا الأشياء
يا وطني الحزين
حوّلتَني بلحظةٍ من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين
لشاعرٍ يكتبُ بالسكين
لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا
لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخمُ من أصواتنا
وسيفُنا أطولُ من قاماتنا
خلاصةُ القضيّهْ
توجزُ في عبارهْ
لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ
والروحُ جاهليّهْ...
بالنّايِ والمزمار..
لا يحدثُ انتصار
كلّفَنا ارتجالُنا
خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ
لا تلعنوا السماءْ
إذا تخلّت عنكمُ..
لا تلعنوا الظروفْ
فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ
يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ
يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..
ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا
وإنما..
تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا
خمسةُ آلافِ سنهْ..
ونحنُ في السردابْ
ذقوننا طويلةٌ
نقودنا مجهولةٌ
عيوننا مرافئُ الذبابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن تكسروا الأبوابْ
أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..
أن تكتبوا كتابْ
أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ
أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ
فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ
الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...
جلودُنا ميتةُ الإحساسْ
أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ
أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ
هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...
كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري
أن يستحيلَ خنجراً..
من لهبٍ ونارِ..
لكنهُ..
وا خجلةَ الأشرافِ من قريشٍ
وا خجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ
يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...
نركضُ في الشوارعِ
نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..
نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ
نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..
نمدحُ كالضفادعِ
نشتمُ كالضفادعِ
نجعلُ من أقزامنا أبطالا..
نجعلُ من أشرافنا أنذالا..
نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..
نقعدُ في الجوامعِ..
تنابلاً.. كُسالى
نشطرُ الأبياتَ،
أو نؤلّفُ الأمثالا..
ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..
من عندهِ تعالى...
لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..
لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ
قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ
كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي
ومخبروكَ دائماً ورائي..
عيونهم ورائي..
أنوفهم ورائي..
أقدامهم ورائي..
كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ
يستجوبونَ زوجتي
ويكتبونَ عندهم..
أسماءَ أصدقائي..
يا حضرةَ السلطانْ
لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ
لأنني.. حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي
ضُربتُ بالحذاءِ..
أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي
يا سيّدي..
يا سيّدي السلطانْ
لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ
لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ
ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟
لأنَّ نصفَ شعبنا..
محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..
في داخلِ الجدرانْ..
لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ
من عسكرِ السلطانْ..
قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..
لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..
لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ
لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ
لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ
لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..
نريدُ جيلاً غاضباً..
نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ
وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..
وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ
نريدُ جيلاً قادماً..
مختلفَ الملامحْ..
لا يغفرُ الأخطاءَ..
لا يسامحْ..
لا ينحني..
لا يعرفُ النفاقْ..
نريدُ جيلاً..
رائداً..
عملاقْ..
يا أيُّها الأطفالْ..
من المحيطِ للخليجِ،
أنتمُ سنابلُ الآمالْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ
ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..
ويقتلُ الخيالْ..
يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ
وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ
لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ
فنحنُ خائبونْ..
ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ
ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ... كالنعالْ
لا تقرؤوا أخبارَنا
لا تقتفوا آثارنا
لا تقبلوا أفكارنا
فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ
ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ
يا أيها الأطفالْ:
يا مطرَ الربيعِ..
يا سنابلَ الآمالْ
أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ...