Monday, March 09, 2009

نظريات الحمار الحصاوي .. في الانهيار البورصاوي

يحكى أن هناك قرية صغيرة كانت تعتمد في رزقها علي تجارة الحمير، وكان سعر الحمار الحصاوي المعتبر لا يتعدي العشرة جنيهات، إلي أن أتى إلي القرية تاجران أخذا يشتريان الحمار بعشرين جنيها، فامتنع أهالي القرية عن بيع حميرهم بأقل من هذا السعر، ثم أخذ نفس التاجران يبيعان لبعضهما البعض ولأهالي القرية الحمير التي كانا قد أشتراها بعشرين جنيها ثم بثلاثين فأربعين حتى ارتفع سعر الحمار الي مئة جنيه (في حين أن قيمته الحقيقية لا تتعدى الجنيهات العشرة) حينها كان التاجران يملكان تقريبا كل حمير القرية، حيث باعا كل حميرهم وتركا القرية لا تملك سوى تلك الحمير بعد أن دفعوا كل ما يملكون من مال للتاجرين!
مثلي مثل كل إنسان بسيط، كنت دوماً أتسائل عن سر هذا الإنهيار المدوي في أسواق المال علي كافة المستويات إلي أن قرأت تلك القصة! إنهيار كافة البورصات بنسب وصلت في بعض الأحوال الي سبعين بالمائة! إنهيار في صناعة السيارات، إنهيار في السوق العقاري، إنهيار في مجال السياحة، إنهيار في أسعار البترول، ملايين العاطلين، تريلونات من الديون المعدومة أو شبه المعدومة، .. الخ
وسر دهشتي - كإنسان بسيط – يكمن في إيماني بنظرية شديدة البساطة تقول إنه إذا كان هناك خاسر فبالضرورة هناك أيضا رابح! فمن هو هذا الرابح، ومن هو هذا التاجر الذي باع الحمار أبو عشرة بمائة؟
بالتأكيد أن الأمر ليس بهذه البساطة وهذا التاجر (أو مجموعة مافيا رجال الأعمال الرابحة من وراء تلك الأزمة) موجودة بالفعل داخل أسواق المال، وأنسحبت أو علي الأقل جمدت نشاطها بعد أن كونت ثرواتها في السنين الماضية من خلال عمليات بيع وهمية لأسهم وعقارات وشركات وبترول بأسعار غير حقيقية لتنسحب في ساعة الصفر المتفق عليها ليكتشف كافة المغفلين (نسبة غير قليلة منهم من العرب) أن ما بأيديهم مجرد حمار حصاوي قيمته عشرة جنيهات!
قد يكون من الظاهر تأثر الإقتصاد الأمريكي ولكن لنكون أكثر إنصافا يجب حساب هذا التأثر خلال العشرين عاما الماضية وليس خلال الأزمة فقط (وأقصد هنا بالعشرين عاما، منذ تفرد أمريكا بقيادة العالم بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي) سنجد بالتأكيد أن خسائر هذا العام مهما بلغت لا تتعدي نسبة ضيئلة جدا مقارنة بمكاسبها (من خلال بيعها لهذه الحمير) خلال هذه الفترة!
قد يفتقد تحليلي هذا لأية منطقية إقتصادية نتيجة كوني مجرد انسان بسيط ولست محللا إقتصاديا، ولكن بالتأكيد هو تحليل أكثر راحة لي ولكثير من البسطاء الذين ما زالوا يستمعون لأراء الخبراء الذين لا يكفون عن قول أن الأسوأ لم يأت بعد رغم رؤيتي الواضحة للحمار بأذنيه الطويلتين وذيله!

3 comments:

sydalany-وش مكرمش said...

هو انت كمان كنت ف البورصة
بس و الله التحليل المالي للحمار الحصاوي بتاع البورصة المصرية كان بيقول إنه حمار عفي و لسة ماشي لا بيحرن ولا يقمص

لكن مرة واحدة الحمار قلب جحش و اتباع على إنه معزة ف الآخر ما حصلش سعر برص جعان
;o(

david santos said...

Thanks for your posting and have a nice week.

Anonymous said...

قاسم افندى,
استاذ ايمن او قاسم افندىـ
لم اقرا لك منذ مدة و تصورت انك بعدت تماما عن الكتابه،
فقررت ان اطل على مدونتك لاجد هذه المقالة و افرح كثيرا لقرائتها ـ
اتمنى ان اقرا لك المزيد دائما لانك قلم بحق مميز

باكينام ناصر